فصل: تفسير الآيات (165- 167):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآية رقم (163):

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)}
قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أراد بذلك أمرين:
أحدهما: أن إله جميع الخلق واحد، لا كما ذهبت إليه عبدة الأصنام من العرب وغيرهم أن لكل قوم إلَهاً غير إله من سواهم.
والثاني: أن الإله وإنْ كان إلهاً لجميع الخلق فهو واحد لا ثاني له ولا مثل له. ثم أكد ذلك بقوله تعالى: {لآَّ إِلّهَ إِلاَّ هُوَ}، ثم وصف فقال: {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ترغيباً في عبادته وحثاً على طاعته.

.تفسير الآية رقم (164):

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)}
ثم دل على ما ذكرهم من وحدانيته وقدرته، بقوله تعالى: {إِنَّ في خَلْقِ السَّمواتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}:
فآية السماء: ارتفاعها بغير عمد من تحتها ولا علائق من فوقها، ثم ما فيها من الشمس والقمر والنجوم السائرة.
وآية الأرض: بحارها، وأنهارها، ومعادنها، وشجرها، وسهلها، وجبلها.
وآية الليل والنهار: اختلافها بإقبال أحدهما وإدبار الآخر، فيقبل الليل من حيث لا يعلم، ويدبر النهار إلى حيث لا يعلم، فهذا اختلافهما.
ثم قال: {وَالْفُلْكِ الَّتي تَجْرِي في الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ} الفلك: السفن، الواحدُ والجمع بلفظ واحد، وقد يذكر ويؤنث. والآية فيها: من وجهين:
أحدهما: استقلالها لحملها. والثاني: بلوغها إلى مقصدها.
ثم قال تعالى: {وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ} يعني به المطر المنزل منها، يأتي غالباً عند الحاجة، وينقطع عند الاستغناء عنه، وذلك من آياته. ثم قال تعالى: {فَأَحْيَا الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وإحياؤها بذلك قد يكون من وجهين:
أحدهما: ما تجري به أنهارها وعيونها.
والثاني: ما ينبت به من أشجارها وزروعها، وكلا هذين سبب لحياة الخلق من ناطق وبُهْم.
ثم قال تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ} يعني جميع الحيوان الذي أنشأه فيها، سماه (دابة) لدبيبه عليها، والآية فيها مع ظهور القدرة على إنشائها من ثلاثة أوجه:
أحدها: تباين خلقها.
والثاني: اختلاف معانيها.
والثالث: إلهامها وجوه مصالحها.
ثم قال تعالى: {وَتَصْرِيفَ الرِّيَاحِ} والآية فيها من وجهين:
أحدهما: اختلاف هبوبها في انتقال الشمال جنوبها، والصبا دبوراً، فلا يعلم لانتقالها سبب، ولا لانصرافها جهة.
والثاني: ما جعله في اختلافها من إنعام ينفع، وانتقام يؤذي.
وقد روى سعيد بن جبير عن شريح قال: ما هاجت ريح قط إلا لسُقْمِ صحيح أو لشفاء سقيم والرياح جمع ريح وأصلها أرواح. وحكى أبو معاذ أنه كان في مصحف حفصة: {وَتَصْرِيفِ الأرْوَاحِ}.
وقال ابن عباس: سميت الريح لأنها تريح ساعة بعد ساعة. قال ذو الرمة:
إذا هبت الأرواح من نحو جانب ** به آل مَيٍّ هاج شوقي هبوبها

ثم قال تعالى: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} المسخر: المذلل، والآية فيه من ثلاثة أوجه:
أحدها: ابتداء نشوئه وانتهاء تلاشيه.
والثاني: ثبوته بين السماء والأرض من غير عَمَد ولا علائق.
والثالث: تسخيره وإرساله إلى حيث يشاء الله عز وجل.
وهذه الآية قد جمعت من آياته الدالة على وحدانيته وقدرته ما صار لذوي العقول مرشداً وإلى الحق قائداً. فلم يقتصر الله بنا على مجرد الإخبار حتى قرنه بالنظر والاعتبار.

.تفسير الآيات (165- 167):

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)}
ثم أخبر أن مع هذه الآيات الباهرة لذوي العقول {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً} والأنداد الأمثال، واحدها ند، والمراد به الأصنام التي كانوا يتخذونها آلهة يعبدونها كعبادة الله تعالى مع عجزها عن قدرة الله في آياته الدالة على وحدانيته.
ثم قال تعالى: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ} يعني أنهم مع عجز الأصنام يحبونهم كحب الله مع قدرته.
{وَالَّذِينَ ءَامَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ} يعني من حب أهل الأوثان لأوثانهم، ومعناه أن المخلصين لله تعالى هم المحبون حقاً.
قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا} فيهم قولان:
أحدهما: أن الذين اتبعوا هم السادة والرؤساء تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر، وهذا قول عطاء.
والثاني: أنهم الشياطين تبرؤوا من الإنس، وهذا قول السدي.
{وَرَأَوُا الْعَذَابَ} يعني به المتبوعين والتابعين. وفي رؤيتهم للعذاب وجهان محتملان:
أحدهما: تيقنهم له عند المعاينة في الدنيا.
والثاني: أن الأمر بعذابهم عند العرض والمساءلة في الآخرة.
{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: أن الأسباب تواصلهم في الدنيا، وهو قول مجاهد وقتادة.
والثاني: المنازل التي كانت لهم في الدنيا، وهو قول ابن عباس.
والثالث: أنها الأرحام، وهو رواية ابن جريج عن ابن عباس.
والرابع: أنها الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو قول السدي.
والخامس: أنها العهود والحلف الذي كان بينهم في الدنيا.
{وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مَنْهُم كَمَا تَبَرَّءُوا مَنَّا} يريد بذلك أن الأتباع قالوا للمتبوعين لو أن لنا كرة أي رجعة إلى الدنيا فنتبرأ منكم فيها كما تبرأتم منا في الآخرة.
{كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَلَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} يريد المتبوعين والأتباع، والحسرة شدة الندامة على محزون فائت.
وفي {أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} وجهان:
أحدهما: برهم الذي حبط بكفرهم، لأن الكافر لا يثاب مع كفره.
والثاني: ما نقصت به أعمارهم في أعمال المعاصي أن لا تكون مصروفة إلى طاعة الله.
{وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} يريد به أمرين:
أحدهما: فوات الرجعة.
والثاني: خلودهم في النار.

.تفسير الآيات (168- 169):

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)}
قوله تعالى: {يَأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا في الأَرْضِ حَلَلاً طَيِّباً} قيل إنها نزلت في ثقيف وخزاعة وبني مدلج فيما حرموه على أنفسهم من الأنعام والزرع، فأباح لهم الله تعالى أكله وجعله لهم حلالاً طيباً.
{وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} وهي جمع خطوة، واختلف أهل التفسير في المراد بها على أربعة أقاويل:
أحدها: أن خطوات الشيطان أعماله، وهو قول ابن عباس.
والثاني: أنها خطاياه وهو قول مجاهد.
والثالث: أنها طاعته، وهو قول السدي.
والرابع: أنها النذور في المعاصي.
{إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} أي ظاهر العداوة.
{إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالفَحْشَآءِ} قال السدي: السوء في هذا الموضع معاصي الله، سميت سوءاً لأنها تسوء صاحبها بسوء عواقبها.
وفي الفحشاء ها هنا ثلاثة أقاويل:
أحدها: الزنى.
والثاني: المعاصي.
والثالث: كل ما فيه الحد، سمي بذلك لفحش فعله وقبح مسموعه.
{وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} فيه قولان:
أحدهما: أن تحرموا على أنفسكم ما لم يحرمه الله عليكم.
والثاني: أن تجعلوا له شريكاً.

.تفسير الآيات (170- 171):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)}
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتٌّبِعُوا مَا أَنَزَلَ اللهُ} يعني في تحليل ما حرموه من الأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَا} يعني في تحريم ذلك عليهم.
قوله تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً} فيه قولان:
أحدهما: أن مثل الكافر فيما يوعظ به مثل البهيمة التي ينعق بها تسمع الصوت ولا تفهم معناه، وهذا قول ابن عباس ومجاهد.
والثاني: مثل الكافر في دعاء آلهته التي يعبدها من دون الله كمثل راعي البهيمة يسمع صوتها ولا يفهمه، وهذا قول ابن زيد.
{صُمُّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} أي صم عن الوعظ فلا يسمعونه، بكم عن الحق فلا يذكرونه، عمي عن الرشد فلا يبصرونه فهم لا يعقلونه، لأنهم إذا لم يعملوا بما يسمعونه ويقولونه ويبصرونه كانوا بمثابة من فقد السمع والنطق والبصر. والعرب تقول لمن سمع ما لا يعمل به: أصم. قال الشاعر:
...................... ** أصمُّ عَمّا ساءَه سميعُ

.تفسير الآيات (172- 173):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)}
قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ} أخبر الله تعالى بما حرم بعد قوله: {كُلُوا مِن طَيِّبَتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ليدل على تخصيص التحريم من عموم الإباحة، فقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} وهو ما فات روحه بغير ذكاة. {وَالدَّمَ} هو الجاري من الحيوان بذبح أو جرح.
{وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ} فيه قولان:
أحدهما: التحريم مقصور على لحمه دون غيره اقتصاراً على النص، وهذا قول داود بن علي.
والثاني: أن التحريم عام في جملة الخنزير، والنص على اللحم تنبيه على جميعه لأنه معظمه، وهذا قول الجمهور.
{وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ} يعني بقوله: {أُهِلَّ} أي ذبح وإنما سمي الذبح إهلالاً لأنهم كانوا إذا أرادوا ذبح ما قربوه لآلهتهم ذكروا عنده اسم آلهتهم وجهروا به أصواتهم، فسمي كل ذابح جَهَر بالتسمية أو لم يجهر مُهِلاً، كما سمي الإحرام إهلالاً لرفع أصواتهم عنده بالتلبية حتى صار اسماً له وإن لم يرفع عنده صوت. وفي قوله تعالى: {لِغَيْرِ اللهِ} تأويلان:
أحدهما: ما ذبح لغير الله من الأصنام وهذا قول مجاهد وقتادة.
والثاني: ما ذكر عليه اسم غير الله، وهو قول عطاء والربيع.
{فَمَنِ اضَطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} اضطر افتُعل من الضرورة، وفيه قولان:
أحدهما: معناه: فمن أكره على أكله فلا إثم عليه، وهو قول مجاهد.
والثاني: فمن احتاج إلى أكله لضرورة دعته من خوف على نفس فلا إثم عليه، وهو قول الجمهور.
وفي قوله: {غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ} ثلاثة أقاويل:
أحدها: غير باغ على الإمام ولا عاد على الأمة بإفساد شملهم، فيدخل الباغي على الإمام وأمته والعادي: قاطع الطريق، وهو معنى قول مجاهد وسعيد بن جبير.
والثاني: غير باغ في أكله فوق حاجته ولا عاد يعني متعدياً بأكلها وهو يجد غيرها، وهو قول قتادة، والحسن، وعكرمة، والربيع، وابن زيد.
والثالث: غير باغٍ في أكلها شهوة وتلذذاً ولا عاد باستيفاء الأكل إلى حد الشبع، وهو قول السدي. وأصل البغي في اللغة: قصد الفساد يقال بغت المرأة تبغي بِغَاءً إذا فَجَرَتْ. وقال الله عز وجل: {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} [النور: 33] وربما استعمل البغي في طلب غير الفساد، والعرب تقول خرج الرجل في بغاء إبلٍ له، أي في طلبها، ومنه قول الشاعر:
لا يمنعنّك من بغا ** ء الخير تعقادُ التمائم

إن الأشائم كالأيا ** من، والأيامن كالأشائم